العميد والعقيد--- ودقائق الجنون

دقائق من الجنون عاشتها الكرة العربية والآسيوية في مباراة العودة الحاسمة
بين السعودية والبحرين باستاد الملك فهد بن عبدالعزيز مساء الأربعاء
الماضي.

مباراة الذهاب انتهت بالتعادل السلبي، وزادت فرص السعودية في التأهل
للمباراة الحاسمة، أمام نيوزيلندا للسفر إلي جنوب أفريقيا، وتقدمت
السعودية بهدف، ثم تعادل المنتخب البحريني قبل نهاية الشوط الأول بخمس
دقائق.

وازدادت المباراة سخونة، وسجل المنتشري هدف السعودية في الدقيقة 09 و81
ثانية، وفرحت المملكة باقتراب الحلم، خاصة أن الحكم أشار إلي 3 دقائق
وقتاً بدل ضائع، لكن البحرين تسجل التعادل بعد دقيقة أخري لتحبط آمال
الأخضر في قطع تذكرة التأهل إلي جنوب أفريقيا، وتلعب البحرين المباراة
الفاصلة علي أمل اللعب في المونديال لأول مرة في تاريخها.

وسائل الإعلام وصفت الدقائق الثلاث الأخيرة بأنها «دقائق من الجنون»، فما
حدث لا يصدقه عقل، وفارق رهيب بين فرحة نجوم السعودية وجماهيرها، وإحباطهم
بعد دقيقة واحدة وفرحة لاعبي البحرين.

هذه كرة القدم، لا قواعد لها تمنع المفاجآت، بشرط الإصرار والروح القتالية
حتي صافرة النهاية، ولذا فإنني متفائل جداً في التأهل إلي المونديال، بل
راهنت علي ذلك بعض الأصدقاء المتشائمين، متفائل بالاصرار والروح القتالية،
وبإخلاص لاعبي مصر، وتكاتفهم علي الأمل، ومتفائل رغم كل الصعاب التي يمر
بها الفريق الوطني، وجهازه الفني والإداري.

أدرك أن الصورة قاتمة السواد الآن، وأن الأخوة في الجزائر الشقيق يحتفلون
بالسفر إلي جنوب أفريقيا، وهذا حقهم حتي الآن، ويسعدنا جداً أن نصعد إلي
كأس العالم، ونسعد إذا لم يتحقق حلمنا أن تكون الجزائر هي البلد العربي
المسافر إلي جنوب القارة السمراء، لكن علينا أن نكافح بشرف، وننافس بكل
أمانة لإدراك الفوز علي زامبيا، وعلي الجزائر بالقاهرة.

وشخصياً، أري أن الأخوة في الجزائر احتفلوا مبكراً بالتأهل إلي المونديال،
بل بدأ بعض نجومهم في إرهاب الآخرين، والتشكيك في «تفويت» زامبيا
المباراة، وكأن فوزهم علي زامبيا 2/صفر مشروع، بينما فوز مصر الذي لم
يتحقق هو أمر غير مشروع.

هذا الإرهاب لا يجب النظر إليه، وتصريحات بعض اللاعبين الجزائرين المثيرة
للفتنة لا يجب النظر إليها، وإنما علينا أن نركز في إعداد الفريق بقوة،
واختيار الأفضل والابتعاد عن المجاملات، وإلا نفقد الأمل في الصعود إلي
كأس العالم.

ويحاول البعض إثارة الإحباط بأن مصر يصعب عليها الفوز علي الجزائر بعدد من
الأهداف يسمح لها بالتأهل إلي كأس العالم، وأنا لا استبعد شيئاً، وإنما
علينا أن نلعب بإصرار، وبكل جهد لتحقيق الهدف فإن تحقق، فبها ونعمة، وإن
لم يحدث، فيكفينا شرف المحاولة والمنافسة بأمانة.

وأحذر الجهاز الفني والإداري من الرد علي مهاترات وتصريحات بعض لاعبي
الجزائر الإرهابية، والتي يحاولون من خلالها التشكيك في قدرة مصر في الفوز
علي زامبيا، وليس علي الجزائر، وكأن فوزهم علي رواندا أمر مفروغ منه، بل
تناسوا الهدف الصحيح الذي ألغاه الحكم «الموريتاني» لفريق زامبيا، وحامل
الراية الذي كان يرفع علي كل هجمة أو انفراد لفريق زامبيا.

لا يجب أن نلتفت إلي الإرهاب الإعلامي الذي يشيعه بعض لاعبي الجزائر قليلي
الخبرة، وعلينا التركيز في تحقيق هدف الفوز علي زامبيا ثم علي الجزائر،
وليصعد من شاء الله له السفر إلي جنوب أفريقيا، وعلينا أن نحسن معاملة
الضيوف والأشقاء في الجزائر، وأن ننظر إلي المعاني السامية للرياضة
والأخوة العربية.

أما السادة القاطنون في الجبلاية، فإنهم يجب أن يتحركوا للرد علي السخافات
التي يثيرها البعض، كالمطالبة بعدم اللعب في مصر بسبب خطورة «إنفلونزا
الخنازير»، ومطالبتهم الفيفا بذلك، خاصة أنهم لا يدركون أن الفيفا بكامل
هيئته سوف يعيش في مصر شهراً كاملاً في كأس العالم للشباب، لكنها سخافات
ومهاترات لبعض صغار كبار المسئولين والإعلاميين بالجزائر.

أما مطالبة الكابتن سمير زاهر بإقامة مباراتي مصر وزامبيا، والجزائر
ورواندا في توقيت واحد، فإن هذا مطلب عادل، ولكنه قد لا يتحقق بسبب قوة
نفوذ محمد روراوة رئيس الاتحاد الجزائري في الفيفا والاتحاد الأفريقي، لكن
هذا طلب عادل ومنطقي لنا وللأخوة في الجزائر، لكنهم لن يقبلوا بهذا لأسباب
عديدة، ولأمور يعلمونها جيداً.

وأرفض محاولة البعض إثارة الفتنة بين بعض لاعبي المنتخب المصري، والجهاز
الفني، كتلك التي يحاول البعض إثارتها بين أحمد حسن كابتن مصر، وحسن شحاتة
بعد تصريح الأول بأن هدف رواندا جاء مكافأة من السماء علي صومه.

أحمد حسن تمسك بالصوم، وربما صام آخرون، ولكن لا يجب إخراج نجم ولاعب بهذا
الاسم والحجم لمجرد صيامه لدرجة عدم وجوده في التشكيل الأساسي، ومشاركته
بعد اكتشاف عدم قدرة أبوتريكة علي اللعب، ولا يجب النظر إلي مسألة الصوم
علي أنها عصيان للأوامر، أو للمفطر برخصة علي أنه أفضل من الصائم، خاصة أن
الرخصة بالإفطار موجودة لمن أراد الأخذ بها، ومن لم يأخذ بها لا يعاقب.

وأحمد حسن خبرة كبيرة، ويمتلك روحاً قتالية واصراراً شديداً في الملعب،
وقدرة فنية علي قيادة الفريق، وهو ما ظهر مع الأهلي والمنتخب، وهو تاريخ
كبير، فهو «عقيد» لاعبي العالم- إن صح التعبير- بعد «العميد» حسام حسن،
خاصة أنه بات علي أبوب تحطيم رقم الأسطورة الكروية المصرية الرائعة.

والعميد والعقيد يمتازان بالروح والاصرار والحماس والغيرة الوطنية، ويجب
الاستفادة من هذه العناصر عند كابتن مصر، وأن يتوقف البعض عن بث الفتنة
بين منتخب مصر في هذه الآونة الحساسة، والتي لا تحتمل أي مشاكل قد تؤثر
علي مسيرة الفريق الوطني، أو قد تدفع الجهاز الفني إلي اتخاذ قرارات
انفعالية ضارة بالطبع.

وقد سعدت جداً بتكريم «العميد» حسام حسن علي فوزه بلقب أعظم لاعب في تاريخ
قارة أفريقيا في استفتاء الفيفا، وهو انجاز تاريخي لم يأخذ حظه من
الاهتمام الإعلامي الكافي.

وقد جاء التكريم من ناد، وليس من مؤسسة كرة القدم المصرية التي لا تحب
صراحة العميد، أو غيرته الوطنية، أو حماسه الزائد، أو حديثه الواضح عن
الفساد والمفسدين، وجاء التكريم من نادي المصرية للاتصالات، والمهندس عقيل
بشير رئيس مجلس الإدارة، ونائبه المهندس محمد عبدالرحيم، وقيادات النادي،
فقد شعروا بمدي الظلم الذي يتعرض له تاريخ مصر الكروي في ال02 عاماً
الماضية، شعروا بإهانة هذا الرمز الذي أسعد الملايين من عشاق الساحرة
المستديرة بأهدافه مع الأهلي والمنتخب والزمالك، بل خلال مشوار احترافي
قصير في أوروبا.

ونحن في مصر نحتاج إلي حسن معاملة الرموز وإلي الاحتفاء بهم، وتكريمهم، بل
وإلي تقويمهم أحياناً حتي نحافظ عليه، ولذا لا داعي اطلاقاً للاساءة
للعميد أو العقيد، أو لأي رمز من الرموز الوطنية التي ساهمت في إسعاد شعب،
بل لا يجب أن نمنح بعض الصغار ألقاباً ودعماً لا يستحقونه، وإنما نشجعهم
للوصول إلي ما حققه أمثال حسام حسن، وأحمد حسن.

ويبقي أن الأمل في المونديال مازال في الملعب، وأن الصعود إلي جنوب
أفريقيا قائم بشرط الإصرار والحماس والروح القتالية، والأداء بروح الفريق
من جميع العناصر، وألا ننظر إلي سخافات الآخرين، وأن تقدر رغبتهم أيضاً في
تحقيق حلم العودة بقوة للساحة القارية والعالمية، خاصة أن تاريخهم مصدر
فخر لنا جميعاً، لكن المنافسة الشريفة مطلوبة لتحقيق حلم اللعب مع عظماء
العالم.


ولا ننسي أن كرة القدم فنون وجنون.

شكرااااااااااااااااااااااااا

على المعلومات